لا للإسْتهزاءِ ..
خآلد ..
شأبٌ طائشٌ ..
يَهوى تقلِيد النّاس بجدَارة ..
والإسْتهزاء بهم ..
يحبّونه رفقآء السّوء ..
ويشجّعونه ..
فهو روح مجَالسهم كما يَقولون ..
يقلّد فلآنا كيف يمشيٌ ..
وذاك كيف يتكلّمٌ ..
كل همّه السخرية والضحك ..
ذات يومٍ رأى رجلاً كفيفاً ..
يريدُ انْ يعبُر الشارِع ..
يتقدّم خطوة ..
ويتراجع ثانيةً ..
فتعثّر بحجر فوقع ..
وتعالت ضحكات خالدٌ ..
وكأنه رأى مايسرّه ..
ذهب إلى أصحابه ..
ليقلّد لهم ذاك الأعمى المسكينِ ..
ويجهش الجميع بالضّحكِ ..
ناسينَ ان الله يراهمْ ..
ومرّت الأيام ..
وصاحبنا على تلك الحال لم يتغيّرُ ..
ليأتي ذلك اليوم ..
الذي غيّر مجرى حياته ..
خرج خالد من منزله مسرعا بسيارته ..
وفي إحدى الطرق السريعة ..
لم ينتبه لوجود سيّارة امامه ..
ليصدمها ..
حآدث مرعبٌ ..
فقد وعيه ..
ولم يفق الا في احدى المستشفيات ..
فتح عينيه ..
لكن مازال الظلام حالكاً امامه ..
ظنّ انهم قد غطّو اعينه لسبب ما ..
أتى الطبيب المناوب ..
ليسأله عن حاله ..
ويمهّد له عن كلام يريد قوله على تردّد ..
( يؤسفنا اخ خالد , هي قدرة الله ومشيئته التي لاراد لها ..
فقد فقدت البصيرة للأبد )
كلمات كالصاعقة وقعت على رأسه ..
لم يتذكر حينها سوى ذاك الأعمى ..
وقول الله عز وجل :
( لايسخر قوم من قوم .....)
واجهش باكياً ..
قاتل للبراءة ..
طفلٌ صغير ..
تعلو على محيّاه ابتسامة بريئة ..
يدخل بصحبة والده إلى إحدى مجالس الرجال ..
يسلم على الجميع بأدبً ..
يلآعبه فلآن ..
ويمازحه فلآن ..
فيشرق وجهه بهجةً وسروراً ..
يتقدّم نحو احدهم ..
ناسيا ان هناك قلوب قاسيةٍ ..
يمدّ يده إلى جيبه ..
ليأخذ قلمه اللامع الذي اغراه ..
فيغضب الرجل ..
ويتطاير الشرر من اعينه ..
ويمسك بيد الطفل بقوة ويبعدها ..
ومن هول صدمة ذلك البريء ..
تدمع عيناه الصغيرتان ..
ليركض ويختبئ في أحضان والده ..
ويضحك الرجل بكل برود ..
وكأن مافعله
هو اعظم انجاز في حياته ..
عجباً له ولأمثاله ..
اما علم وقرأ كيف كان حبيبنا المصطفى
صلى الله عليه وسلّم يتعامل مع الأطفال !
استحقار الفقراء ..
عامل نظافة مسكين ..
قد انهكه التّعب ..
واهلكته أشعّة الشمس الحارقة ..
فأراد الاستظلال بظل شجرة ..
ليرتاح قليلاً ..
أغمض عينيه وتمدّد في الظلال ..
وماهي الا لحظات ..
فإذا بشاب طائش ..
لم يتجاوز الخامس عشرة من عمره ..
أمسك بحجر ورماه على ذلك المسكين ..
ليقوم فزعاً من مكانه ..
التفت يمنة ويسرة ..
ليرى بأعينه الدامعة مصدر تلك الحجر ..
ويفكّر بذنبه الذي لم يقترفه !
فلم يجد سوى تلك الشاب ..
غارقا في الضحك ..
وسيّارة مارّة ..
قد اوقفها صاحبها ..
ليشارك الفتى في ضحكه ..
ثم مضى في طريقه ..
وكأن شيئاً لم يكن ..
موقف مشرقٌ ..
محمد ..
هكذا أسمى نفسه بعد اسلامه ..
لم تمضِ فترة طويلة على هذا الحدث ..
اجمل حدث في حياته ..
حتى أصبح جل همه ومناه ..
ان يزور بيت الله الحرام ..
فجد واجتهد ..
وجمع المآل ..
ولم ينم تلك الليلة من الفرح ..
بعد ان عاد وفي يده تذكرة سفره ..
/
/
وفي الطائرة ..
أغمض عينيه ..
لتمر أمامه شريط حياته ..
فقد كان اعمى لولا ان هداه الله ..
وصل إلى مكة ..
وكله شوق و حنين ..
لم يتأخر ثانية واحدة ..
ووصل الى بيت الله الحرام ..
فاعتمر وطاف وصلّى ..
تعب جسده ..
ولم يتعب قلبه ولم يملّ ..
مرّت ثلاث ليالٍ سريعة ..
وفي اليوم الرابع ..
وفي صلاة المغرب ..
كبّر الامام .. وكبّر المصلّون ..
ركع .. وركع الجميع ..
سجد .. فسجدو ..
قام من سجوده ..
فقام الجميع ..
ولم يقم محمد ..
اكمل المصلّون صلاتهم ..
واجتمعو حوله ..
ينادونه ولا يجيب !
حرّكوه فلم يتحرّك ..
سبحان الله ..
قد فارق الحياة ..
قبضت روحه وهو ساجد ..
في اطهر بقاع الأرض ..
فهنيئا لك يا محمد ..
على ماذا يبكون !
يحضر الى الملعب بكل حماس ..
تشجيع وصراخ ..
فالفريق الذي يشجعه ..
معروف بالفوز الدائم ..
وفجأة ..
يتقدم الفريق الاخر ..
وتنتهي المباراة بفوز خصمه ..
فتنهمر دموعه اسفاً وقهراً ..
.
.
فتى صغير ..
محب للخير ..
احب القرآن وأراد حفظه ..
وقد اعانه الله على ما أراد ..
ليأتي اليوم الذي سيختم فيه ..
حفظ المصحف كاملاً ..
وتبدأ قصار السور ..
فيقرأ : قل يا ايها الكافرون ..
ويكملها خانقاً لعبرته ..
ويقرأ قل هو الله احد ..
قل اعوذ برب الناس ..
قل هو الله احد ..
ويخر ساجداً لله يبكي فرحاً ..
همسة : شتّان بين هذا وذاك ..
أسأل الله ان يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ..
ونور صدورنا ..
وجلاء أحزاننا ..
وذهاب همومنا وغمومنا ..